بلا شك أن "بادن باول" لم يكن يحلم يوما أن يتم الاحتفال حول العالم كله بـ"الكشافة" التي وضع حجر الأساس لها عام 1907، مع مجموعة من مساعديه في أحد المخيمات بجزيرة "براوني بيول"..
فالحركة الكشفية التي تملآ الأرض الآن وتحتفل بعيدها المئوي، تأسست علي يد اللورد الإنجليزي "روبرت ستيفنسون سميث بادن باول"، الذي ولد في 22 فبراير 1857 وتوفي في 8 يناير 1941.
محطات هامةفي طفولته كان باول يذهب وحده أحياناً إلى غابة قرب المدرسة يتعقب الأحياء البرية ويراقبها، وقد كتب عنها فيما قائلا: "لقد تحققت في أبنائها في بعض ما يحيط بنا من عجائب، وتكشف لناظري ما في الغابة والشمس من جمال"، كما كان يذهب أثناء العطلات للاستكشاف، وركوب القوارب التي كان يصلحها مع أخيه بأنفسهم، أو يخرجون للنزهة، والتخييم في مخازن الغلال أو في العراء.
عمل باول ضابطا بالجيش البريطاني حيث عرف بأنه كان راميا من الدرجة الأولى بعد أن كان قد أجرى امتحان دخول الجيش بدون علم أهله.
يعتبر أشهر نجاح عسكري أحرزه الكولونيل "باول" عندما كان عمره 46 عاما، وذلك عندما تعرض مع ألفا من رجاله للحصار من تسعة آلاف رجل من ثائري البوير في مدينة ماوكنغ في جنوب أفريقيا، حيث دام الحصار 217 يوما إلى أن وصلت التعزيزات إلى ماوكنغ، ويذكر البعض أنه استطاع التغلب علي هذا الحصار بعد أن استعان بالشباب للقيام بالأعمال العسكرية كالحراسة والطهي ونقل الرسائل.
الفتيان الكشافةنشأت فكرة الكشفية في ذهن باول بعد أن لمس أن الشباب الإنكليزي يتفكك وتكثر فيه الأمراض الاجتماعية كالإدمان والبطالة، ومن خلال تنقلاته في المستعمرات الإنكليزية تعرف على ثقافات الشعوب وكيفية تربية أبنائهم على الشجاعة والقوة والاعتماد على النفس، فألف كتابا جمع فيه برامج تربية ذاتية للشباب تمارس في الهواء الطلق.
وعند عودة "بادن باول" إلى بريطانيا اندهش لأن الفتيان كانوا يقبلون على شراء كتابه الذي ألفه وأطلقوا على أنفسهم اسم "الفتيان الكشافة"، وبذلك شكلوا جماعات صغيرة لممارسة الكشفية.
ونتيجة لذلك قرر أن يعيد النظر في الكتيب ليجعله أكثر ملائمة للشباب، وفي صيف 1907 أقام باول مع مجموعة من مساعديه الكبار مخيما في جزيرة براوني بيول، وقسم الفتيان إلى مجموعات عهد بكل واحدة منها إلى فتى متقدم في السن، واستمتع الفتيان بأوقاتهم في المخيم في السباحة، والتعقب خفية، وممارسة الألعاب والإصغاء حول النار الليلية إلى باول وهو يقص عليهم مغامراته.
الكشافة العربيةفي عام 1910 وضع باول وشقيقته برنامجا للفتيات فانطلقت حركة المرشدات، وفي العام ذاته انسحب "بادن باول" من الجيش، وفي أول مهرجان كشفي دولي عام 1920 كان باول قائدا لكشافة العالم، وفي عام 1929 جعل منه الملك جورج الخامس نبيلا، فأصبح لورد "بادن باول".
وعلي الرغم من أن الحركة الكشفية بدأت في بريطانيا إلا أنها انتقلت سريعا إلي الوطن العربي، فبدأت في سوريا في عام 1912، وفي مصر عام 1914، إلا أنها تأخرت في الأردن قليلا حيث بدأت هناك في عام 1927، فيما أقيم أول تجمع كشفي عربي في عام 1938.
ذكريات مع الكشافة100 عام من الرحلة الكشفية.. كانت كافية تماما لأن يحمل الكثير من الشباب بداخلهم العديد من الذكريات للكشافة..
"سامح البرى" قائد التدريب الدولي في الكشافة والذي انضم للكشافة قبل التحاقه بالمدرسة ومر بكل مراحلها أشبال وكشافة ومتقدم وجوالة، يقول: "الكشافة تزرع العديد من الصفات في الشخص أهمها التعود على العمل في فريق، بجانب الاستفادة من الخروج والرحلات التي كنا نقوم بها وحدنا مما كان يجعلنا نعتمد على أنفسنا أكثر، وتجعلنا أكثر جرأة في مواجهة مشاكلنا".
وأضاف سامح قائلا: "من المواقف المضحكة المبكية التي حدثت لنا أننا ذهبنا ذات يوم في رحلة خلوية وتاهت مجموعتنا، وكان معنا رسالة لا نفتحها إلا عندما لا نجد مخرجا، فتحنا الرسالة وجدناها (اعتمد على نفسك) فظللنا هكذا حتى رجعنا لبيوتنا".
أما عن أبرز المواقف السيئة، فيقول: "كنا في وادي الريان بالفيوم وكان أحد الأولاد سيغرق في الشلالات لكننا الحمد لله استطعنا إنقاذه بمعجزة".